الشيخ عصام بن صالح العويد -حفظه الله تعالى-
السؤال:
أسأل عن الآية:{ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ....}، كلمة السمع مفردة مع أننا نسمع بأذنين اثنتين، كلمتا الأبصار ( وكذلك الأفئدة، في آيات أخرى ) جمع مع أننا نرى بعينين اثنتين ؟
الإجابة:
بدءاً ؛
أشكرك على هذا السؤال الجميل، والآية في سورة يونس (31):{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}...
أما الجواب: فلأمرين اثنين:
الأول: لأن السمع لا يمكن أن يدرك عدداً من المسموعات ــ إدراكاً معه فهم وضبط ـ في وقت واحد أبداً، فلا يمكن للسمع أن يسمع كلمتين في وقت واحد ويفهمهما جميعاً فهماً واضحاً كما هو معلوم ظاهر، ومن أراد أن يجرب فليضع في أذنيه سماعتين اثنتين وليحاول أن يفهم في وقت واحد كلا الكلامين فهماً واضحاً.
أما البصر؛ فيمكن أن يدرك بوضوح أكثر من شيء واحد في الوقت نفسه، فيمكن أن يرى شخصين أو سيارتين في الوقت نفسه فيميز هذا من ذاك دون عناء.
أما الفؤاد ـ وهو العقل القلبي الذي له ارتباط بالعقل في الدماغ ـ؛ فكذلك أيضاً، بدليل أن الإنسان يؤدي عدداً من الأعمال في وقت واحد، فيتكلم ويتحرك وينظر ويسمع ونحو ذلك في وقت واحد دون تداخل، فسبحان من أتقن كل شيء خلقه تعالى.
ولعل هذا كاف في إيضاح الفارق بينهما، ولمن أراد التوسع أذكر الأمر الثاني.
الثاني ـ من جهة اللغة ـ: فلأن السمع مصدر، والمصدر لا يجمع، أما الأبصار والأفئدة فأسماء مجموعة، ولعل هذا التغاير بينهما من جهة اللغة في التعبير عن السمع بالمصدر وعن البصر والفؤاد بالاسم؛ إشارة إلى التغاير بينهما من جهة الخلق، فإن حاسة البصر والفؤاد إرادية راجعة إلى اختيار الإنسان، فهو يبصر ويفكر بما شاء دون إجبار في الأحوال الاعتيادية، فيستطيع أن يغمض بصره عن هذا ويترك التفكير في ذاك غالباً.
أما السمع فهي حاسة لا إرادية، فالإنسان لا يستطيع أن يُصِّم سمعه كما يستطيع أن يغمض عينيه، بل يسمع جميع الأصوات التي حوله إجباراً لا اختياراً، والله أعلم.
للاستزادة ينظر:
إعراب القرآن للدرويش (1/29)، وتفسير الرازي لسورة السجدة، وغيرها كثير.